|
وكان الشيطلن ثالثهما
الحلقة الأولى
ليلة رهيبة
صمت يلف المكان إلا من أصوات الحراسة ودوريات التفتيش التى لا تهدأ وصوت غلق تلك الأبواب الحديدية يزيد المكان كآبة وترتعد منه أوصال برهامى فى زنزانته وطاحونة أفكاره لا تكف عن الدوران تارة يتأمل حياته وتارة يفكر فى الموت الذى بات قريبا منه بعد أن تم رفض إلتماسه الثانى بتخفيف حكم الإعدام عليه وإستبداله بالسجن المؤبد ورغم مرارة السجن ومعاناته إلا أنه كان حلما لبرهامى يتمنى تحقيقه وبرودة تلك الغرفة القذرة التى يقبع بها تزيد من أحزانه والبكاء بات حلما بعد كأن دموعه قد جفت من كثرة ما بكى كثيرا ما يحلم أن ما يعيشه كابوس سوف يستيقظ منه ولكن ثقل القيد القيد الحديدى الذى يعصم قدميه يريه الحقيقة المؤلمة ومشهد طابور السجن وسرفيس الطعام البالى وما يحمله من طعام رديئ يؤكد له أن ما يعيشه ليس كابوسا يطرق الباب وصوت الشاويش فرغلى يصك آذانه يفتح الباب ويناول الشاويش برهامى سرفيس الطعام المعهود عدس محشو بالسوس والحصى الصغير وجبنة عفنة تزكم رائحتها الأنف وخبز جاف يسد النفس ويغلق الشهية يرد برهامى كتر خيرك يا عم فرغلى يعاود فرغلى النظر إليه ثم ينصرف وبعد لحظات يعود إليه يناوله بيضتين مسلوقتين وإناء نظيف به ماء يتعجب برهامى فهذه المرة الأولى التى يفعلها الشاويش فرغلى ويتساءل ما الأمر ؟وما سر هذه المعاملة الطيبة؟ أترى هل قربت ساعة النهاية وهو يعلم ولكن لا يستطيع أن يخبرنى نظر برهامى للطعام دون أدنى رغبة لتناول شيئا منه رغم جوعه وعاد يتأمل حياته وطاحونة أفكاره تعتصر ما تبقى لديه من عقل وفكر وألم ينخر جسده المنهك آمال لديه باتت هباءا وأمالا تحطمت فى لحظة كان الشيطان ثالث ثلاثة والثانى شيطان فى صورة آدمية ظل يوسوس له ويمنيه بثراء فاحش ودنيا جديدة بعد أن ينال مال خاله الذى كان ينفق على دراسته ويتولى أمره بعد وفاة أبيه كان يحلم أن يكون أستاذا بالجامعة وجراحا شهيرا يملك مستشفى بأحد الأحياء الراقية بمدينة الإسكندرية وبدون أن يدرى وجد نفسه يبتسم إبتسامة ميتة تحسرا على عمره التعس الذى أوشك حبل الجلاد أن يضع له نهاية ثم يغوص مرة أخرى فى بئر أفكاره وشريط الذكريات المؤلم يقتحمه ويأتى هذه المرة بقصته منذ أن بدأت وغدا بمشيئة الله نكمل القصة مع الحلقة الثانية بعنوان
اللقاء الأول
|
|