|
الحلقة الرابعة : الطرق التي أوصلتني للنجاة من الدين الذي في ذمتي قالت سورة الملك لي : قبل أن أقول لك سُبل النجاة هل كتبت ورقة بها الدين الذين عليك حتى يسددها الورثة عنك ؟ عندما سمعت كلمة ( الورثة ) كانت هذه الكلمة شديدة علي ودمعت عيناي فقد تذكرت أهلي جميعاً أمي وأبي وزوجتي وإخوتي وأبنائي يا ترى ما الذي حصل لهم من بعدي وكيف هم ؟!! ابنتي سارة وإخوانها تذكرت انكسارهم وكيف أصبحوا أيتاماً من بعدي من الذي سيرعاهم ومن الذي سيقوم على مصالحهم ؟!! تذكرت بنيتي الصغيرة عندما قالت : أريد كاكاو ماذا سيقولون لها – عندما تسأل عني - وكيف سيقولون وكيف ستكون نفسيتها من بعدي !! زوجتي ماذا عملت من بعدي الآن !! سيقال لها أرملة !! كيف ستتحمل عبء أولادي من بعدي !! تذكرت وتذكرت وتذكرت ودموعي تنهمر ونشيجي يعلو .. قالت سورة الملك : كأنك تذكرت شئاً ؟!! قلت : نعم تذكرت أهلي وأبنائي ماذا سيعملون من بعدي . قالت سورة الملك : لهم الله هو الذي خلقهم ورزقهم وهو الذي يتولى أمرهم . كانت هذه الكلمات بمثابة الماء البارد على الظاميء فقلت في نفسي : بالفعل لهم الله ولماذا القلق !! استطردت بالفكر قليلاً ولم يقطع تفكيري إلا زيادة حرارة جسمي فقلت مباشرة لسورة الملك : باالله عليك هل لي أن أعلم كم الدين الذي علي ؟!! قالت سورة الملك : نعم لقد سألت الملك فأخبرني أنها ألفاً وسبعمائة ريال ، الألف لصاحب لك يقال له : أبا حسن أما السبعمائة فهي متفرقة .. قلت متعجباً : كيف متفرقة ؟!! قالت سورة الملك : أنت تساهلت بديون صغيرة منذ بلوغك فتراكمت عليك . فقلت : لمن ؟!! فقالت سورة الملك : خمس ريالات لبائع أغذية قد اشتريت منه طعاماً لك ولم يكن معك نقود وعندما طلبها منك قلتَ له : سأردها لك غداً هذا عندما كان عمرك خمس عشرة سنة والآخر يعمل في مغسلة الملابس غسل ثوبك وقلت له نفس كلامك السابق وتساهلت حتى نسيته والآخر محل كذا ومحل كذا فعددت محلات أتذكرها واحداً تلو الآخر ، ثم قالت : تساهلكم بالديون واستصغاركم لها سبب شقاء الكثير منكم في قبورهم .. ألم يحذركم الرسول محمد صلى الله عليه وسلم من الدين وأخبركم أن الشهيد على جلالة قدره توقف أعماله بسبب الدين ألم تعلم أن أحد أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم على فضله أوقفه الدين ولم نستطع أن نعمل له شيئاً حتى سدد صاحبه الدين !! قلت برعب : إنا لله و إنا إليه راجعون وكيف الخلاص أرجوك فجسمي سيتقطع ألماً وحرارة . قالت سورة الملك : بأمور ثلاثة . قلت بعجل : ما هي ؟!! قالت : إما أن يسامحك من عليه الدين . قلت : الكثير منهم نسي كما نسيت ولا يعلمون بموتي بل ربما الكثير منهم لا يعرفني ونسيني ، لكن ما الحل الآخر . قالت : وإما أن يسدد عنك ورثتك . قلت : كيف سيعلمون بديني ومشكلتي أني لم أكتب ورقة لحقوق الناس لأن الموت أتاني بغتة ولم أكن أتوقعه أو أحسب له أي حساب !! قالت سورة الملك : بقي أمر سأحاول لك به ولعله يكون نجاتك وسأخبرك به بعد وقت إن شاء الله والآن سأنصرف .. قلت : لا أرجوك لا تذهبي فانا أشعر بوحشة شديدة وظلمة ورهبة إضافة لحرارة جسمي التي تزداد .. قالت سورة الملك : لن أبتعد كثيراً فأنا سأذهب لأجل المُحاجة عنك والبحث عن حل وبإذن الله ستكون نجاتك .. فانصرفت .. بقيت وحيداً مستوحشاً في ظلمةٍ وهمٍ وغم فأُلهمت دعاء فقلت : ( يا من لا يأنس بشئ أبقاه ، ولا يستوحش من شئ أفناه ، ويا أنيس كل غريب ، ارحم في القبر غربتي ، ويا ثاني كل وحيد ، آنس في القبر وحدتي ) لكني تذكرت أني في دار حساب لا عمل .. ما هي إلا لحظات حتى سمعت صوتاً أعرفه إنه أبي الحنون وأسمعه يقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قلت مباشرة بشغف : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أهلاً بك يا أبي فعلمت أنه لن يسمعني .. ثم سمعته يقول : اللهم اغفر له اللهم ارحمه اللهم وسع مدخله اللهم آنس وحشته ثم سمعته ينشج ويبكي ويقول اللهم أحله اللهم إني راضٍ عنه فارض عنه وانصرف لاح لي بالظلام – أثناء دعاء والدي - نورٌ عظيمٌ فإذا هو ملكٌ من ملائكة الرحمة يكتب دعاء والدي ولم يكلمني الملك بكلمة واحدة حتى انصرف والدي فبقي قبري منيراً والتفت لي الملك وقال : إن دعاء والدك سيُرفع للسموات العلى وبإذن العلي القدير سيجيبه الله لأن دعاء الوالد لولده مستجاب .. ياالله تمنيت أن يطيل أبي الوقوف على قبري ويستمر بالدعاء لي لأن أثر دعائه وجدته في قبري بل وعلى نفسي .. قلت للملك : هل لي أن أسألك سؤالاً ؟!! قال : وما هو ؟ قلت : منذ متى وأنا ميت وما هو الوقت الآن ؟!! قال : أنت ميت من ثلاثة أيام والآن وقت صلاة الظهر .. تعجبت بشدة وقلت سبحان الله كل هذه الأحداث في هذه المدة القصيرة ؟! وكل هذه الظلمة التي أجدها في قبري ونحن وقت الظهيرة !! قال الملك : لازال الطريق أمامك طويلاً أعانك الله عليه .. لم أتمالك نفسي فبكيت وبكيت بكاء لا أذكر بحياتي أني بكيت مثله ، وقلت في نفسي : سبحان الله كم كنت غافلاً عن مثل هذا .. انصرف الملك وهو يقول سيستمر النور في قبرك إلى أن يشاء الله بفضل الله ثم دعاء والدك .. كانت زيارة أبي مؤنسة لي وتمنيت أن يزورني كل أقاربي وتمنيت أن يقف على قبري أصحابي .. تمنيت أن يسمع والدي صوتي فأقول : يا أبي أرجوك سدد الدين الذي في ذمتي أرجوك تصدق عني أرجوك ادع الله لي .. لكن ما السبيل بأن يسمع صوتي وتذكرت قوله تعالى ( وحيل بينهم وبين ما يشتهون ) شعرت بحرارة جسمي كأنها تهدأ ولكنها تزداد أحياناً فظننت أن هذا له علاقة بزيارة والدي ولكن الأمر لم يكن كذلك بل لأمر آخر .. ما هي إلا لحظات حتى لاح لي نور أعرفه إنها سورة الملك قالت : عندي لك بشارتان . قلت بسرعة : ما هي ؟ قالت الأولى : صاحبك الذي يطلبك الألف ريال تذكر دينك ثم قال : اللهم إني عفوت عنه محتسباً الأجر من الله ولم يطلبها من أهلك فتهلل وجهي فرحاً ثم قلت : الحمد لله ربما هذا سبب أن الحرارة خفت قليلاً علي .. وما البشارة الأخرى ؟ قالت : لقد سألت الله لك كثيراً لكن حقوق الآدميين مشكلة ، وقد أُرسل لك ملك موكل بالرؤى والأحلام وهو سيأتي أحد أقاربك في المنام برموز لعلهم يفهمون دينك .. تفاجأت بهذا الخبر فسكتت متعجبا .. قالت سورة الملك : من برأيك يأتيه الملك في المنام ؟ فكرتُ بأمي وعلمت أنها لو رأتني بالمنام فستبكي علي ولن تفسرها ففكرت بأقاربي فتذكرت أقرب الناس لي بعد والدي وهي أيضاً مهتمة بالرؤى والأحلام .. إنها زوجتي الوفية المحبة لي .. قلت : زوجتي زوجتي هي التي أتمنى أن ترى هذه الرؤيا .. قالت سورة الملك : سأخبر الملك أسأل الله أن يعجل فرجك ويحل كربتك .. انصرفت وبقي قبري به النور الذي أتاني من دعاء والدي فانتظرت كأني بسجن تمر علي الأوقات لا أعلم شيئاً سوى أني أسمع أصواتاً وأحياناً قرع نعال فأعلم أن جنائز تدفن قريباً من قبري أسمع أحياناً ضحكات فأتعجب من أناس يضحكون ونحن تحتهم مأسورون !! ثم مر وقت طويل وفجأة ازدادت حرارة جسمي حتى كدت أصرخ وكأني في تنور فازداد خوفي ثم بلحظة واحدة الحرارة خفت ثم اختفت وانتهت وشعرت كأني خرجت للهواء لم أصدق ما أنا فيه ما الذي حصل ؟!! ظهر نور سورة الملك بعد ذلك وتقول : أبشر بما يسرك .. قلت : والله أنتِ من يأتي بالخير فما الذي حصل ؟!! قالت : أتى ملك الرؤى والأحلام لزوجتك في منامها فأراها أنك واقف على سلم مهموماً وبقي عليك سبع درجات لا تستطيع أن تصعدها .. فقامت زوجتك مباشرة قبل صلاة الفجر وتذكرتك وبكت ثم فتحت كتب تفسير الأحلام فوجدت كلاماً كثيراً لكنها شعرت أنك في كربة وفي الصباح اتصلت على امرأة كبيرة بالسن مشهورة بتفسير الأحلام وعندما سألتها زوجتك قالت المرأة : يا بنتي زوجك عليه دين ومحبوس في قبره والدين سبعمائة أو سبعة آلاف ريال الله أعلم .. قالت زوجتك : لكن كيف نسددها ولمن ؟ قالت المرأة : الله أعلم لكن اسألوا المشائخ .. وبعدها اتصلت زوجتك على زوجة أحد المشائخ وقالت لها : اسألي الشيخ عما لو كان على زوجي دين لا نعلم لمن هو كيف نسدده ؟!! فسألت زوجة الشيخ زوجها وقال : تصدقوا عنه بقيمة الدين لعل الله أن يبرئ ذمته .. وكان لدى زوجتك ذهب بقيمة أربعة آلاف فذهبت سريعاً لوالدك وقصت عليه الخبر فرفض أن يأخذ منها الذهب وتكفل بأن يسدد الدين كاملاً ، فأقسمت زوجتك أن يأخذ والدك الذهب وقالت له : وهل هذا الذهب إلا من زوجي وأنا أتمنى أن أعمل له شيئاً بعد موته وأسأل الله أن لا يحرمني منه في الجنة .. عندما رأى والدك إصرارها طيّب خاطرها وأخذ الذهب وزاد عليه من المال حتى أوصله عشرة آلاف ونوى الزيادة صدقة عنك وأعطى المبلغ لعائلة مسكينة ففرج الله كربك وجئت لأطمئن عليك .. قلت : ولله الحمد لا أشعر الآن بأي حرارة بجسمي وكأني كنت مربوطاً فحُلت عقدي .. وهذا بفضل الله ثم فضلك ومحاجتك لي بقضاء ديني .. قالت سورة الملك : الحمد لله الذي أذهب عنك الحزن والآن ستأتيك الملائكة لعرض جميع أعمالك .. قلت لها : وهل بعد هذا علي خطورة ؟ قالت : الطريق طويل وربما يستمر سنين فاستعد لذلك .. قلت : سنين !!!!! وذكرت لي قصصاً عجيبة عن الأموات ومن القصص التي تعجبت منها واستغربتها .. الحلقة القادمة : قصص الأموات وما حصل لهم في قبورهم من سنين
{.... توقيع beren saat ....} | |
|
|