| |
| |
|
| | |
|
فضل الإصلاح بين الناس
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه، ونستعينُه،ونستغفرُه، ونتوبُ إليه، ونعوذُ به من شرورِ أنفسِنا، ومن سيِّئاتِ أعمالِنا، منيهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يضلل فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُوحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه وعلى آلهِوصحبِهِ وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدين. أمَّا بعد ُ:
فيا أيُّها الناسُ، اتَّقوا اللهَ تعالى حَقَّ التقوى.
عباد الله،
إن من هداية الله للمؤمنين ورحمته بهم أن وحدهم بالإسلام وجمع قلوبهمبالإيمان فلمَّ شعثهم، وأزال عنهم الضغائن والأحقاد، وجعلهم أمة متعاونة كالجسدالواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، يقول الله تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَإِخْوَة) [الحجرات10]،
ويقول جل وعلا: (واذكروانعمة الله عليكم إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْبِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً) [آل عمران:103]
،ويقول جل وعلا: (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ* وَأَلَّفَ بَيْنَقُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْوَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [الأنفال:62-63].
أيها الأخوة،
أيها المسلمون، فما من سبيل يزيد في لحمة الأمة ويقرب بعضها من بعضإلا أرشد الإسلام إليه إما وجوباً أو استحباباً، ولا سبيل يبعد الأمة بعضها عن بعضوينفر القلوب إلا حذر ونهى عنه، أمر بالبر والصلة، أمر بإفشاء السلام، وعيادةالمريض، وإتباع الجنازة، وتشميت العاطس، وإجابة الداعي، وإبرار المقسم، والنصيحةللمسلم، ونهى عن العقوق والقطيعة والسخرية واللمز والهمز والغيبة والنميمة والقذفوالبهتان وأنواع السباب والشتام، ومع هذه التحرزات التي أرشد الإسلام إليها وربىالإسلام عليها إلا أن العبد في خضم هذه الحياة ومخالطته للناس لا بد أن يكون هناكغضب وغفلة فربما اعتدى على الآخرين بأقوال أو بأفعال فجاء الإسلام ليربأ الصدعويقرب القلوب فأرشد إلى الإصلاح بين الناس، والإصلاح بين الناس أمر مشروع أمر اللهبه في كتابه فقال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) [الأنفال:1]،
وقال تعالى: (وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوافَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُواالَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوابَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ) [الحجرات:9] وأقسطوا إن الله يحب المقسطين.
أيها المسلم،
إن الإصلاح بين الناس عمل شريف، عمل فاضل، وثوابه عند الله عظيم فمنفضائله: أن الإصلاح بين الناس خيرَ ما يتناجى فيه المتناجون قال تعالى: (لا خَيْرَفِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍبَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِأَجْراً عَظِيماً) [النساء:114]،
فأنظر أخي إلى قوله: (لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍأَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ) [النساء:114]
، فهذا خير ما يتناجى فيه المتناجون ولذا قال الله تعالى: (يأيهاالذين آمنوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَةِالرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِتُحْشَرُونَ)[المجادلة:9]، ومن فضائل الإصلاحبين الناس أنه نفع متعدي أفضل من الاشتغال بنوافل الصيام والصلاة والصدقة، لتعدينفعه، وأن نفعه متعدي يقول صلى الله عليه وسلم: "ألاأخبركم بما هو أفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة"، قالوا بلى يارسول الله، قال: "إصلاح ذات البين فإن فساد ذاتالبين هي الحالقة"، ومن فضائله أنه عمل يرضي الله ورسوله، يقول صلىالله عليه وسلم لأبي أيوب: "ألا أخبرك بعمل يرضيالله ورسوله"، قال نعم، قال: "أصلح بينالناس إذا فسدوا وقارب بينهم إذا تباعدوا"، ومن فضائله أن المصلح بينالناس قد تصدق على نفسه وقابل نعم الله بشكرها، يقول صلى الله عليه وسلم: "
يُصبح على كل سُلامى من الناس صدقة كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة"، ومن فضائلالإصلاح بين الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم أباح للمصلح الكذب مع أن الكذب منكبائر الذنوب لكن أباح للمصلح الذي يقصد الخير أن يكذب توسلاً إلى جمع الكلمة وقطعدابر الفساد، تقول أم كلثوم بنت عقبة رضي الله عنها، تقول أن النبي صلى الله عليهوسلم قال: "ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينويخيراً أو يقول خير"، ومن فضائله أن المصلح لو احتاج إلى بذل مال فيسبيل إطفاء فتنة وتقارب القلوب لأُعطي من الزكاة مقدار ما دفع ولو كان غنياً فإنالله يقول في الصدقة: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِوَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ) [التوبة:60]،
قال العلماء رحمهمالله: إن الغارم على قسمين: غارم لمصلحة نفسه كمن تحمل حقوق الناس لمصلحة نفسهالخاصة فعجز وتعب عن ذلك من غير سرف ومن غير مغامرة فيعطى من الزكاة ما يقضي بهدينه ، وكذلك من غرم لمصلحة الآخرين وهو الذي يصلح بينالناس فبذل مالاً في سبيل ذلك فإنه يُعطى من الزكاة مقدار ما بذل ولو كان غنياً.أيها المسلم،
ولكن المصلح بين الناس عمله شريف لأن الإصلاح التوفيق بين الآخرينوإصلاح الحال وإزالة أسباب القطيعة والنزاع، قال العلماء رحمهم الله: لابد لهذاالمصلح أن تتوفر فيه الصفات التالية: فأولاً، أن يكون مخلصًا لله في عمله لا يريدرياءاً ولا سمعة ولكن تقرباَ إلى الله ولهذا قال الله تعالى: (وَمَنْ يَفْعَلْذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) [النساء:114]،
ومنها أن يعتقد أن ما يفعله امتثالاً لأمر الله حيث يقول تعالى: (فَاتَّقُوااللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ) [الأنفال:1]،
ومنها أن يعلم أن الإصلاح جمع للقلوب لقوة الأمة وصلابتها واجتماعكلمتها حتى يكون رعباً في قلوب أعداءها، ومنها أن يشكر الله إذ وفقه لهذا العملالصالح وجعله ممن يُرجع إليه في ذلك الأمر، ومنها أنه لا يقدر على الإصلاح حتىيعلم حقيقة القضية ويسمع من الطرفين كلهما ويدرس الأمر دراسة واضحة حتى يكونإقدامه على علم وبصيرة، ومن ذلك أيضاً أن يكون ذا عدل في إصلاحه فلا يقصد بإصلاحهإضرار فلان ونفع فلان ولا مجاملة هذا مع ضرر هذا لأن الله يقول: (فَأَصْلِحُوابَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ) [الحجرات:9]
،فالمصلح لا يريد الضرر بهذا لا يجامل غنياً لغناه ولا قوياً لقوته ولا ذو جاهٍلجاهه ولكن يحترم القوي والضعيف ويصلح صلحاً لا ينفع غنياً ويضر فقيراً وإنما تكونالمنفعة للجميع لأن قصده وجه الله والدار الآخرة، ولا بد أن يكون على علم حتى لايخالف الشرع فيما يقول، وينبغي له أن يستعين بالله في كل أموره فمهما أعطي العبدمن قوة وكيس ورأي إلا أنه فقير إلى الله في كل أحواله. أيها المسلم،
وهذا المصلح بين الناس يصلح صلحاً لا يترتب عليه إحلالَ حرامٍ أوتحريمَ حلال فإن الصلح جائز للمسلمين ما لم يكن ارتكاب حرام وتعطيل مباح بل يكونموافقاً للشرع ويختار الوقت المناسب ويقطع الطريق عن النمامين والمفسدين بما يسعىفيه من الخير والصلاح.
أيها المسلم،
وإن الإصلاح بين الناس عام في أحوال الناس سواء أحوال مادية أوأحوالشخصية وأسرية أو وجهات نظر بين دعاة وكتاب وغير ذلك فهو عام في جميع شؤون الحياةفأعظمها الصلح بين الزوجين عندما يختلف الزوجان فيما بينهما فالساعي بالإصلاح يوفقبينهما توفيقاً يضمن به توفيق الله اتفاقهما حتى لا يلجأ إلى الخصومة ويلجأ إلىالطلاق فيصلح بين الزوجين في سبيل اجتماع كلمتهما والله يقول تعالى: (وَإِنْ امْرَأَةٌخَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَابَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) [النساء:128]،
وقال: (إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقْ اللَّهُ بَيْنَهُمَا) [النساء:35]،
فالإصلاح بين الزوجين ودراسة مشكلة الزوج والزوجة وتضييق شقة الخلافوعدم انتشار ذلك خارج سور البيت حتى تسلم الأسرة من النزاع والاختلاف، والإصلاحأيضاً يكون بين ذوي الأرحام بين الأخوة بعضهم بعض بين الأرحام فإن الإصلاح بينأولئك أمر مطلوب وكان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرشد القضاة ألايقطعوا بالخصومة بين الأرحام لعلهم أن يصطلحوا لأن إصدار الحكم ربما يزيد البغضاءوالعداوة وتبقى الشحناء بين الأرحام، ومن أنواع الإصلاح أيضاً أن يصلح بين الراعيوالرعية فكما أن للراعي حقاً على رعيته السمع والطاعة له بالمعروف واجتماع الكلمةوتآلف القلوب فالراعي أيضا له حق الرعاية وإصلاح الرعية والبحث عن مشاكلهم وحلقضاياهم وتأمين أمورهم بما يضمن لهم الاستقرار والسلام فإن الراعي والرعية متىاجتمعت الكلمة وتآلفت القلوب انقطعت أسباب الفتن وعاش الناس بخير فالراعي له حقوعليه حق والرعية لها حق وعليها حق فإذا أصلح بين الناس فإن المصلح يبتعد عنالانتقاص أو ترويج الإشاعات الكاذبة وإنما يسعى افي لإصلاح فيرشد هذا ويرشد هذا فيسبيل اجتماع الكلمة وتآلف القلوب، إصلاح بين قبائل متنافرة إصلاح بينهما خوفاً منفتن وسفك الدماء فذاك من الأعمال الصالحة، إصلاح بين متقاتلين، إصلاح الورثة عندالتنزاع فإن كثيراً من الورثة ربما يتنازعون على الميراث مع أن أحكام الله واضحةوالله قسم الفرائض بنفسه وأعطى كل ذي حق حقه لكن هناك أحيانًا أمور تطرأ ومشاكلبين الورثة إما لكثرة الورثة أو كثرة الأموال وعدم القدرة على إحصائها فيكون هناكحاجة إلى الإصلاح بين الورثة ليأخذ كل حقه كما شرع الله فالإصلاح بين الورثة أمرمطلوب لأن بعض الورثة يختلفون ويتنازعون وإن كانت الأمور واضحة من حيث المواريثلكن نوع الأخذ ونوع التصرف مما يحتاج فيه إلى الإصلاح بينهم ليعطى كل ذي حق حقه منغير ضرر والله يقول تعالى: (فَمَنْ خَافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً فَأَصْلَحَبَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) [البقرة:182]،
فالمسلم يتدخل في وصية الموصي قبل أن يبت فيها إن يرى فيها جنفاً وإثماًوظلماً لبعض الورثة سعى في الإصلاح وحذر الموصي من الظلم وتفضيل بعض الأولاد علىبعض وحذر من أن تكون الوصية سبباً للإنقسام وسبباً للخلاف وسبباً للشقاق وكذلك بعدموت المورث لا بد من إصلاح بين الورثة عندما يبدو النزاع ويحصل الشقاق فمن رحمةالله بهم أنهم ينجزون قسم التركة من حين موت أبيهم ويبادرون قبل اختلاف القلوبوتدخل أيدي خفية أن تفسد بين الناس وتفرق شملهم، ومن أنواع الإصلاح أيضا إصلاح بيناختلاف وجهات النظر بين الدعاة والعلماء بين علماء المسلمين عندما تختلف وجهةالنظر في قضية ما من القضايا فإن الإصلاح أن تقرب وجهات النظر بما يكفل اجتماعالكلمة وتعاون الجميع الكتاب والصحفيون، قد يكتب كاتب مقال أنت تراه خطأ فترد عليهثم ينقض قولك فالمصلح يأتي ليقف بين المتنازعين فيصوب الصواب ويحق الحق ويحاولإصلاح الخطأ بين الكتاب وبعضهم بعضاً حتى يكون المجتمع على أمن مما يقرأ ويكتب،ومنها إصلاح القاضي بين المتخاصمين فيصلح بينهما ويكون الإصلاح بين الخصمين قبل أنيقطع الحكم إن أمكن ذلك فذاك عمل صالح، الحوادث المرورية لا بد فيها للمحقق منإصلاح بين الطرفين لأن كلاً قد يدعي بنفسه دعوى غير الآخر فالإصلاح بينهم أمرمطلوب، الإصلاح بين الموظفين وبين من تحت يدك من يعمل فلا بد من الإصلاح بينهمبإعطاء كل ذي حق حقه وألا يظلم هذا لمصلحة هذا والإصلاح بين الشركات والإصلاح بينأرباب الشركات والمؤسسات بينهم وبين من يكفلون إصلاح بينهم باحترام العقود وعدمالاخلال بشيء منها الإصلاح بينهم بين الشركات والمساهمين معهم فإن بعض الشركاتالمساهمة قد يكون عندهم ظلم وعدوان وعدم إعطاء الحقيقة وإخفاء الأرباح فلا بد منإصلاح بينهم عندما يكون الشجار والنزاع فموقف المصلح أن يعطي كل ذي حق حقه فيرشدمن عنده الأسهم أن يصدق في ذلك ويرشد من له الحق أن يصدق في ذلك ويراعي الطرفينحتى تسلم الأمور، الكفلاء مع مكفوليهم لا بد من إصلاح بينهم عندما يكون من الكفيلتعد وظلم أو من المكفول كذلك فالإصلاح بين هؤلاء أمر مطلوب وختاماً فالإصلاح بينالناس خير كله وعمل صالح كله فلو سعى المسلمون فيه على الأسس الشرعية لارتاحوا منكثير من المشاكل والله جل وعلا يصلح بين المسلمين يوم القيامة، يصلح بين المسلمينيوم القيامة، فيرضي الخصم حتى يعفو عما ظلمه ولله في ذلك حكمة عظيمة، ومحمد صلىالله عليه وسلم كان يسعى للإصلاح بين الناس صلوات الله وسلامه عليه، إصلاح بينأرباب الديون بأن يصلح بينهم عندما يعجز صاحب الحق عن حقه أن يصلح إما بالإنظار أوبالتواضع عن بعض الأشياء حتى تسير الأمورعلى خير فالحقيقة أن الإصلاح بين الناسعمل شريف وكما قال الله تعالى: (وَمَا يُلَقَّاهَا إِلاَّ الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَايُلَقَّاهَا إِلاَّ ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) [فصلت:35].
[color=cyan]بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم،ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر اللهالعظيم الجليل لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هوالغفور الرحيم.[color=red]الخطبة الثانية:
الحمدُ لله، حمدًا كثيرًا طيِّبًامباركًا فيه، كما يُحِبُّ ربُّنا ويَرضى، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لاشريكَ له، وأشهدُ أن محمَّدًا عبدُه ورسولُه صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وصحبِه، وسلّمَتسليمًا كثيرًا إلى يومِ الدينِ، أما بعد ُ: فيا أيُّها الناسُ،
اتَّقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى.
عباد الله،
دين الإسلام دين العدل، دين الإنصاف، دين المحبة، دين التآلف واجتماعالكلمة، دين الخير كله والسعادة في الدنيا والآخرة، عندما يدعو للإصلاح إنمالإحقاق الحق وإحقاق المصلحة العامة وقطع دابر الفساد بين الأمة، والنبي صلى اللهعليه وسلم يقول لنا: "لا تحاسدوا ولا تباغضواولا تدابروا ولا تناجشوا وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولايكذبه ولا يحقره ولا يخذله"، فالإسلام دين محبة وألفة بين أصحابهيدعوا إلى التآلف واجتماع الكلمة والإصلاح بين الناس لأن المسلم عمله عمل متعدٍوعمله عمل خير "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه مايحبه لنفسه"، فهو لا يرضى لنفسه أن الآخرين يبغضونه ويكرهونه ويمقتونهفلا يرضى أيضاً ذلك لإخوانه وإنما يسعى في الإصلاح قدر الاستطاعة والتأليف بينالناس وجمع كلمتهم وتوحيد صفوفهم وإزالة أسباب الشقاء والعداوة بين أفراد المجتمعلا سيما بين الأب وأبناءه والإخوان والأرحام والجيران فكل هذه الأمور ينبغي للمسلمأن يكون ذا خلق عظيم وإصلاح بين الناس يصلح بينهم ويقرب وجهات النظر ويحاول قطعأسباب الإختلاف والنزاع وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه.
واعلموا رحمكم اللهُ أنّ أحسنَالحديثِ كتابُ الله، وخيرَ الهدي هديُ محمدٍ صلى اللهُ عليه وسلم، وشرَّ الأمورِمحدثاتُها، وكلَّ بدعة ضلالةٌ، وعليكم بجماعةِ المسلمين، فإنّ يدَ اللهِ علىالجماعةِ، ومن شذّ شذَّ في النار، وصَلُّوا رَحِمَكُم اللهُ على عبدالله ورسولهمحمد كما أمركم بذلك ربكم، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَوَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواصَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب:56].
اللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم وبارِك علىعبدِك ورسولِك محمد ٍ، وارضَ اللَّهُمَّ عن خُلفائِه الراشدين الأئمة المهديين أبيبكر، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعَن سائرِ أصحابِ نبيِّك أجمعين، وعن التابِعين، وتابِعيهمبإحسانٍ إلى يومِ الدين، وعنَّا معهم بعفوِك، وكرمِك، وجودِك، وإحسانك، يا أرحمَالراحمين.
[color=olive]اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين،وأذِلَّ الشركَ والمُشرِكين، ودمِّرْ أعداءَ الدين، وانصُرْ عبادَك المُوَحِّدين،واجعلِ اللَّهُمَّ هذا البلدَ آمنًا مُطمئِنًا، وسائرَ بلاد المسلمين، يا ربَّالعالمين، اللَّهمَّ آمِنَّا في أوطانِنا وأصلح أئمتنا ووُلاةَ أمرِنا، اللهموفِّقْهُم لما فيه صلاح الإسلامِ والمُسلمين، اللَّهمّ وفِّقْ إمامَنا إمامَالمسلمينَ عبدَ الله بنَ عبدِ العزيزِ لكلِّ خير، اللهم أمده بالصحة والسلامةوالعافية وكن له عوناً في كل ما أهمه إنك على شيء قدير، اللهم اجمع به كلمة الأمةووحد به صفوفها على الخير والتقوى واجعله مباركاً أينما كان، اللهم وفق ولي عهدهسلطان بن عبدالعزيز لكل خير، وأمده بالصحة والسلامة والعافية إنك على كل شيء قدير،اللهم وفق النائب الثاني نايف بن عبدالعزيز لكل خير وأعنه على أداء مسئوليته إنكعلى كل شيء قدير، واجعلهم أئمة هدى وقادة خير يا أرحم الراحمين، =green]](رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَابِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاًّ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَاإِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ) [الحشر:10]،
(ربناظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) [الأعراف:23]
(ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرةحسنة وقنا عذاب النار) [البقرة:201]،
اللهم أنت اللهُ لا إلهإلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيثَ، واجعل ما أنزلتَه قوةً لناعلى طاعتك وبلاغاً إلى حين، اللَّهمَّ أغثنا، اللّهمَّ أغثنا، اللهمَّ أغثنا، اللهمسقيا رحمة لا سقيا بلاء ولا هدم ولا غرق.
عباد الله،
(إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِوَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِوَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) [النحل:90]،
فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكرْكم، واشكروه على عُموم نعمهيزدْكم، ولذكرُ الله أكبرُ، والله يعلم ما تصنعون
[center]
{.... توقيع كبرياء انثى ....} | |
|
|
مواضيع مماثلة | |
|
| |
مُشاطرة هذه المقالة على: | | ردود موضوع : فضل الإصلاح بين الناس | |
| كاتب الموضوع | رسالة |
---|
|
|
| |
| صفحة 1 من اصل 1 | |
| صلاحيات هذا المنتدى: | لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
| |
| |
| |
| |
|